تيكتوك في تونس: من منصة ترفيه إلى سوق مربحة بلا ضوابط

· 1 minute de lecture

تيكتوك في تونس: من منصة ترفيه إلى سوق مربحة بلا ضوابط

منذ ظهور تطبيق تيكتوك في تونس، أصبح هذا الأخير جزءًا أساسيًا من حياة ملايين التونسيين، وبخاصة لدى فئة الشباب والمراهقين. أصبح تيكتوك وسيلة للتسلية، ووسيلة للتعبير عن الذات، وحتى فرصة لتحقيق دخل مالي. لكن مع زيادة استخدام التطبيق وانتشاره، بدأت تتضح عدة قضايا لم تكن موضع اهتمام في البداية، مثل التلاعب بالمحتوى، استخدام وسائل الدفع الإلكترونية مثل باي بال، والتهرب من الضرائب. فما هي أبرز القضايا التي تواجه مستخدمي تيكتوك في تونس؟ وكيف يمكن تنظيم هذا المجال الذي أصبح جزءًا من الاقتصاد الرقمي؟

1️⃣ غياب التشريعات: تيكتوك بلا ضريبة

رغم أن تيكتوك يعتبر منصة عالمية وتدر مداخيل ضخمة على صناع المحتوى، إلا أن الوضع في تونس يختلف. حتى اليوم، لا توجد قوانين واضحة بشأن فرض ضرائب على المداخيل المتأتية من هذه المنصات الرقمية. في هذا السياق، يقدر العديد من صناع المحتوى في تونس أن البقاء بعيدًا عن دفع الضرائب يمثل "فرصة"، حيث يتمكنون من جني الأموال من الهدايا الرقمية أو الإعلانات دون أي التزام ضريبي.

هذا الفراغ القانوني جعل تيكتوك يتحول إلى ساحة مفتوحة للعديد من الفرص المالية غير الخاضعة للرقابة. في غياب التشريعات التي تحدد كيفية فرض الضرائب على هذه المداخيل، يمكن القول أن هذا الوضع يسمح للعديد من الأشخاص بالاستفادة من المنصة بشكل غير رسمي.

2️⃣ الاستفادة من باي بال: طرق ملتوية لتحويل الأموال

نظرًا للقيود المفروضة على أنظمة الدفع الإلكتروني في تونس، يجد العديد من مستخدمي تيكتوك صعوبة في سحب أموالهم المتأتية من الهدايا الرقمية أو التبرعات. في هذه الحالة، يعتبر باي بال هو الحل الأمثل. يتيح باي بال للمستخدمين إرسال الأموال عبر الإنترنت، ولكن رغم ذلك، فإن تونس ليست ضمن الدول التي تدعم باي بال بشكل كامل.

الحل الذي يتبعه معظم مستخدمي تيكتوك التونسيين هو استخدام حسابات باي بال خارج تونس لتحويل الأموال. يتمكن صناع المحتوى من استقبال المدفوعات عبر باي بال من المتابعين في الخارج، ولكنهم يواجهون تحديات كبيرة عند سحب تلك الأموال داخل تونس بسبب القيود المحلية على التحويلات المالية عبر الإنترنت.

هذا الأمر يفتح المجال لعدة مخاطر تتعلق بالتحويلات غير القانونية أو الممارسات الملتوية، حيث يتجنب البعض سحب الأموال عبر القنوات الرسمية خوفًا من المراقبة أو الضوابط القانونية.

3️⃣ الاستغلال المالي والمخاطر المترتبة عليه

على الرغم من الإمكانيات المالية التي توفرها تيكتوك للمستخدمين، إلا أن هذا التطبيق أصبح ساحة خصبة للاستغلال المالي. العديد من صناع المحتوى التونسيين يلجؤون إلى "استغلال العواطف" لجذب التبرعات والهدايا من متابعيهم. هذا التلاعب غالبًا ما يظهر من خلال بثوث مباشرة أو فيديوهات تمثيلية، حيث يدعي البعض أنهم في حاجة للمساعدة المالية أو يروجون لقضايا اجتماعية، ثم يحصلون على التبرعات دون أن يكونوا قد قدموا خدمة حقيقية.

تؤدي هذه الظاهرة إلى قلة الوعي بين المتابعين حول كيفية استخدام المال بشكل مسؤول، وتهدد بانتشار ممارسات غير قانونية قد تستغل الوضع المالي لبعض الشباب التونسيين في فترات صعبة.

4️⃣ التحديات القانونية: لماذا يجب أن تدخل الحكومة؟

من أجل تنظيم هذه الفوضى المالية التي بدأت تظهر مع ازدياد شعبية تيكتوك في تونس، يجب على الحكومة التونسية التدخل ووضع تشريعات واضحة تنظم العمل داخل هذه المنصات الرقمية. فعلى الرغم من أن الإنترنت يتيح فرصًا كبيرة لصناع المحتوى التونسيين، إلا أن غياب التنظيم يفتح المجال لظهور ممارسات غير قانونية، مثل التهرب الضريبي، وتحويل الأموال بطريقة غير آمنة.

يجب أن تتمكن الحكومة من فرض ضرائب على المداخيل الناتجة عن الأنشطة الرقمية، سواء عبر تيكتوك أو غيره من منصات الإنترنت، بشكل يتماشى مع القوانين المحلية ويضمن حقوق كل الأطراف. كما يجب على الدولة توفير حلول لتحويل الأموال عبر الإنترنت بطرق آمنة وقانونية، بما يضمن حماية مستخدمي الإنترنت من الاستغلال المالي.


5️⃣ التعليم والوعي الرقمي: ضرورة المراقبة الأبوية

في ظل هذه المخاطر، يصبح الوعي الرقمي والتوجيه أمرًا أساسيًا لضمان سلامة المستخدمين، خاصة فئة المراهقين والشباب. ينبغي أن يكون هناك برامج تعليمية تهدف إلى توعية الأجيال الجديدة حول كيفية استخدام الإنترنت بشكل آمن ومسؤول. في هذا الإطار، يجب أن تتعاون المؤسسات الحكومية مع المدارس ومنظمات المجتمع المدني لتوفير مواد تعليمية حول الأمان الرقمي، وكيفية التعامل مع المواقف التي قد يتعرض فيها المستخدم للاستغلال أو الخداع.

كما يجب على الآباء أيضًا تحمل المسؤولية لمراقبة استخدام أطفالهم للإنترنت، وتنظيم أوقاتهم على التطبيقات مثل تيكتوك، لضمان عدم تعرضهم للمخاطر الرقمية.

الخلاصة

تيكتوك في تونس أصبح ظاهرة اجتماعية ومالية مهمة، ولكن لا يمكن إنكار أنه يمثل أيضًا تحديات كبيرة على الصعيدين القانوني والاقتصادي. في غياب التشريعات المناسبة، يظل هذا التطبيق ساحة مفتوحة للاستغلال المالي والمخاطر الإلكترونية. لذا، فإن تدخل الحكومة لتنظيم هذا القطاع، بالإضافة إلى زيادة الوعي الرقمي بين المستخدمين، هو أمر ضروري لضمان استفادة المجتمع التونسي من هذه المنصات دون الوقوع في فخ المخاطر المالية والاجتماعية.