حرية المعلومة أم دولة مصغّرة على تيك توك؟ الدولة والإدارات الفنية أمام فوضى البث المباشر

· 2 دقايق قراءة
دولة مصغّرة على تيك توك


في تونس، حرية المعلومة مكفولة، لكن ماذا يحدث عندما تتحول هذه الحرية إلى فوضى على تيك توك؟ شخصيات معروفة أو مجهولة تُدير حسابات وكأنها “دولة مصغّرة”، حيث تُنشر الفضائح، تُصفى الحسابات، وتُطلق التهديدات، كل ذلك دون حسيب أو رقيب. الأخطر أن بعض هؤلاء ممنوعون قانونيًا من التواجد في تونس، لكنهم ما زالوا يؤثرون في المشهد العام، مما يطرح تساؤلات جدية حول دور الإدارات الفنية والمصالح المختصة بالجرائم الإلكترونية في ضبط هذه الفوضى.


الإدارات الفنية والجرائم الإلكترونية: بين الغياب والتردد


رغم وجود هياكل مختصة بالتصدي للجرائم الإلكترونية، فإن التعامل مع تيك توك يبدو محدودًا أو غير كافٍ. بعض الحسابات التي تروّج للتهديدات والتشهير تعمل بحرية تامة، بينما يتم استهداف أخرى بطرق انتقائية، ما يخلق إحساسًا بأن هناك معايير مزدوجة في فرض القانون.


لماذا لم يتم ردع هذه الظاهرة بعد؟

بعض الحسابات تُدار من الخارج: شخصيات ممنوعة قانونيًا في تونس لكنها تواصل التأثير من خارج البلاد دون رقابة.

استغلال ثغرات قانونية: لا توجد نصوص قانونية واضحة تحكم المحتوى المنشور على تيك توك، مما يجعل ملاحقة بعض المؤثرين صعبة.

ضعف آليات التدخل الفوري: رغم تطور وسائل الإدارات الفنية، فإن سرعة انتشار المحتوى تجعل التدخل دائمًا متأخرًا.


عندما تتحول تيك توك إلى “محكمة الشارع”


في ظل غياب الرقابة الصارمة، أصبح تيك توك منصة لحسم القضايا بطرق غير قانونية:

تصفيات حسابات شخصية وسياسية: يتم نشر تسجيلات مسربة، وفضح شخصيات دون أي أدلة رسمية.

تهديدات مباشرة وغير مباشرة: تصل الأمور إلى حد التحريض على العنف أو كشف معلومات شخصية.

نشر محتوى مسيء: استغلال المنصة لنشر الفضائح والابتزاز وقلة الحياء دون أي رادع.


هل حان وقت التدخل الجدي؟


إذا استمر الوضع كما هو، فإن التأثير السلبي لهذه الظاهرة لن يبقى محصورًا على الإنترنت، بل قد يتحول إلى نزاعات حقيقية على أرض الواقع. لهذا، أصبح من الضروري:

فرض رقابة أكثر صرامة على الحسابات التي تروّج للتهديدات والتشهير.

التعاون مع تيك توك لإغلاق الحسابات التي تنتهك القانون، سواء في تونس أو خارجها.

سن قوانين واضحة تنظم المحتوى الرقمي وتحدد المسؤوليات القانونية لكل طرف.


حرية المعلومة لا تعني الفوضى، وما يحدث اليوم على تيك توك يمثل خطرًا حقيقيًا على الاستقرار الاجتماعي. الإدارات الفنية والمصالح المختصة بالجرائم الإلكترونية في تونس مطالَبة بالتحرك سريعًا قبل أن يفقد القانون سيطرته أمام هذه الفوضى الرقمية. فهل سيكون هناك تحرك فعلي أم أن هذه “الدولة المصغرة” ستظل تفرض قوانينها الخاصة؟