من السبّ إلى النفاق: كيف تحوّل تيكتوكر تونسي من شخصية سامة إلى “فاعل خير” في رمضان؟

· 1 minute de lecture
من السبّ إلى النفاق: كيف تحوّل تيكتوكر تونسي من شخصية سامة إلى “فاعل خير” في رمضان؟

في السنوات الأخيرة، أصبح تيكتوك في تونس أكثر من مجرد منصة للترفيه، بل تحوّل إلى ساحة مفتوحة للمواجهات اللفظية، السبّ، التشهير، وحتى استغلال الدين والمساعدات الخيرية لأغراض شخصية. في هذا السياق، برزت شخصية تيكتوكر مثير للجدل، بدأ مسيرته بإهانة النساء، ثم هاجم والدته، وصولًا إلى تمزيق العلم التونسي وسبّ الرئيس والدين الإسلامي. ولكن مع قدوم شهر رمضان، تحول فجأة إلى “فاعل خير” يستغل الفقراء لكسب التعاطف. فكيف يحدث هذا التحوّل المفاجئ؟ ولماذا يسمح المجتمع والتيكتوك بمثل هذه الظواهر؟


1. البداية: من إهانة بنت ستريمرا إلى البحث عن الشهرة بأي ثمن


في بيئة رقمية تعتمد على الجدل والفضائح لتحقيق المشاهدات، بدأ هذا التيكتوكر مسيرته على تيكتوك من خلال مهاجمة الستريمرا التونسية بأقسى العبارات.

• وصفها بألفاظ مسيئة تقلل من قيمتهنّ في المجتمع.

• نشر محتوى يستهدف الفتيات التونسيات بطريقة تحطّ من شأنهنّ.

• تحريض المتابعين على قبول لغة العنف اللفظي والتعامل معها كوسيلة للترفيه.


لماذا بدأ بهذه الطريقة؟


في تيكتوك، يعتمد تحقيق الشهرة على إثارة الجدل. فكلما زادت ردود الفعل، زادت المشاهدات، وبالتالي زادت التبرعات والهدايا التي يحصل عليها الستريمر. لذا، لم يكن من المستغرب أن يتبع استراتيجية الصدمة والإهانة للوصول إلى الشهرة السريعة.


2. من مهاجمة الستريمرات إلى سبّ والدته أمام الجميع


بعد تحقيقه شعبية أولية من خلال الهجوم على ستريمرا معروفة ، بدأ في تصعيد خطابه ليشمل والدته، حيث قام بسبّها في بث مباشر أمام آلاف المشاهدين.


لماذا فعل ذلك؟

• أراد أن يرفع من مستوى الجدل حوله.

• استغل عواطف الجمهور لزيادة المشاهدات.

• أثبت أن تيكتوك بيئة بلا رقابة، حيث يمكنه تجاوز كل الخطوط الحمراء دون عواقب.


هذا الفعل لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل كان جزءًا من استراتيجيته لكسب المزيد من الانتباه، مستغلًا فضول الجمهور لمعرفة إلى أين يمكن أن يصل في تصرفاته الاستفزازية.


3. تمزيق العلم التونسي: استفزاز أم خطة مدروسة؟


بعد تصاعد شهرته، قرر هذا التيكتوكر تصعيد الأمور أكثر، وقام بتمزيق العلم التونسي على البث المباشر. هذه الخطوة أثارت غضبًا واسعًا في تونس، لكنها لم تكن كافية لإيقافه، بل زادت من شهرته.


كيف استغل الحدث؟

• أصبح حديث الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي.

• زادت مشاهداته بشكل كبير.

• حصل على المزيد من التبرعات من متابعيه، سواء كانوا داعمين له أو منتقدين.


بدلًا من الاعتذار أو التراجع، استمر في تصعيد خطابه، مما يكشف كيف أصبح تيكتوك بيئة تشجع مثل هذه السلوكيات بدلًا من ردعها.


4. من إهانة الرئيس إلى التعدي على المقدسات الدينية


بعد أن أدرك أنه يستطيع تجاوز جميع الحدود دون عواقب، استمر في استفزازاته، ليصل إلى حدّ إهانة رئيس الجمهورية التونسية بشكل مباشر، ثم انتقل إلى مستوى أخطر، حيث وجّه إساءات مباشرة للدين الإسلامي والنبي محمد ﷺ.


لماذا فعل ذلك؟

• كان يعلم أن هذه المواضيع ستثير غضبًا واسعًا وتجلب له المزيد من المشاهدات.

• لم يكن هناك أي تحرك قانوني قوي لردعه.

• كان يراهن على أن أي هجوم عليه سيزيد من شهرته أكثر.


هذا التصعيد كشف بوضوح كيف يتم استخدام تيكتوك كمنصة لنشر الفوضى الرقمية، في ظل غياب الرقابة الفعالة من السلطات التونسية.


5. المال والقوة: كيف تحولت الإهانات إلى مصدر دخل؟


مع ازدياد شهرته، بدأ هذا التيكتوكر يجني أرباحًا ضخمة من التبرعات والهدايا الافتراضية التي يرسلها له متابعوه، رغم خطورة المحتوى الذي يقدمه.


كيف يعمل هذا النظام؟

• كلما زاد الجدل حوله، زادت مشاهداته.

• تيكتوك يمنحه نسبة من الأموال التي يحصل عليها من المتابعين.

• وكالات تيكتوك تستفيد أيضًا من هذا النوع من المحتوى، مما يجعلها تتجاهل الانتهاكات الأخلاقية والقانونية.


بفضل هذه العائدات المالية، شعر هذا التيكتوكر بالقوة والقدرة على قول أي شيء دون الخوف من العواقب.


6. انقلاب الصورة: من مجرم رقمي إلى “فاعل خير” في رمضان


مع دخول شهر رمضان، حدث تحول مفاجئ في شخصيته الرقمية، حيث بدأ في تقديم نفسه كإنسان خيّر يساعد الفقراء والمحتاجين.


كيف تم تنفيذ هذا التغيير؟

• بدأ في توزيع المساعدات المالية والغذائية في بثوث مباشرة.

• نشر محتوى يظهره كشخص متدين ومتسامح.

• استغل شهر رمضان كفرصة لتحسين صورته أمام الجمهور.


لكن، هل كان هذا التغيير صادقًا أم مجرد استغلال آخر؟


7. استغلال الفقراء لكسب التعاطف


رغم أن مساعدة المحتاجين أمر إيجابي، فإن الطريقة التي تم بها الأمر أثارت تساؤلات حول نواياه الحقيقية.


مظاهر الاستغلال:

• تصوير الفقراء وإذلالهم أمام الكاميرا للحصول على التبرعات.

• استخدام المحتاجين كأداة لتجميل صورته.

• تركيزه على إظهار نفسه كمُنقذ بدلًا من تقديم مساعدة حقيقية.


هذا يطرح تساؤلًا مهمًا: هل الهدف هو فعل الخير أم مجرد حملة تسويقية لنفسه؟


8. رد فعل الجمهور: بين التصفيق والفضح


عند تحوله إلى “فاعل خير”، انقسم المتابعون إلى فئتين:

الفئة الأولى: صدقت التغيير واعتبرته “توبة” حقيقية.

الفئة الثانية: رأت فيه مجرد استغلال جديد لكسب المزيد من التعاطف والتبرعات.


مع الوقت، بدأ العديد من المتابعين في كشف تناقضاته، مما جعل البعض يشكك في مصداقية أعماله الخيرية.


9. تأثيره على الشباب والمراهقين: كيف أصبح نموذجًا سامًا في المجتمع التونسي؟


إحدى أخطر تبعات هذا التيكتوكر هي تأثيره الكبير على الشباب والمراهقين الذين يشاهدونه ويتبعونه. فتيكتوك في تونس أصبح منصة مفتوحة للفضائح والإهانات، وأدى هذا إلى تكوين جمهور واسع من المراهقين الذين يتخذون هذا الشخص نموذجًا لهم.


كيف تأثر الشباب؟

تأثير سلبي على القيم: أصبح السبّ والإهانة جزءًا من ثقافة بعض الشباب الذين يرون أن هذا هو الطريق للشهرة.

تأثير نفسي: تأثيره أدى إلى نشر السلبية والتوتر بين المتابعين، حيث بدأت لغة العنف والاحتقار تنتشر بين المراهقين بشكل غير مسبوق.

التمادي في الانتهاك: بعض المراهقين بدأوا في تقليده وتكرار سلوكياته العدوانية على منصات أخرى.


هذا الأمر يعكس مدى قوة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل سلوكيات الشباب، وكيف يمكن لشخص واحد أن يشوه القيم العامة إذا لم يتم التصدي له.


10. خارج تونس: كيف يُمكن للغربة أن تكون درعًا ضد العواقب؟


أحد أبرز العوامل التي جعلت هذا التيكتوكر يشعر بالقوة هو أنه يعيش خارج تونس، ما منح له شعورًا بعدم القدرة على المساءلة من قبل السلطات التونسية.


كيف استفاد من وجوده خارج البلاد؟

الغياب الجغرافي: عيشه خارج تونس منح له أمانًا نسبيًا من أي تحرك قانوني ضد تصرفاته.

غياب الرد الفعّال: لم تتخذ السفارة التونسية في البلاد التي يقيم فيها أي إجراء ضد تصرفاته.

التحدي المباشر: لم يكتفِ بالتحريض على منصته فقط، بل قام بالاتصال مباشرة بالمنصات الكبرى مثل تيكتوك، موجهًا لهم إهانات شديدة وسبابًا، بل حتى أهان موظفي السفارة في نفس الوقت.


هذه الممارسات تشير إلى أن هذا الشخص يشعر أنه غير قابل للمسائلة، بسبب عدم وجود ردود فعل حقيقية من السلطات التونسية، سواء في الداخل أو من خلال السفارات.


كيف نحمي المجتمع من هذه الظواهر؟


تيكتوك في تونس أصبح بيئة خصبة لصنع “أبطال زائفين” يجنون الأموال عبر نشر الكراهية ثم يعودون في صورة “فاعلي خير”. لحماية المجتمع، يجب:

• فرض قوانين صارمة على المحتوى المسيء.

• مراقبة التحويلات المالية المشبوهة من تيكتوك.

• تعزيز الوعي الرقمي لدى الشباب لكشف هذه التلاعبات.


إذا لم يتم اتخاذ خطوات جدية، فإن هذه الظواهر ستتكرر، وستظل منصات مثل تيكتوك ساحة مفتوحة للاستغلال والخداع.