في عالم البث المباشر، حيث تتداخل المصالح المالية والسياسية، يجد العديد من الستريمرات أنفسهم يحققون شهرة واسعة بفضل دعم مجهول من "شخصيات" قد تبدو عادية في الظاهر، لكن خلف هذه الوجوه، تكمن تساؤلات كبيرة حول مصادر الأموال التي تساهم في دعم هؤلاء الأفراد. من بين هذه الأسماء التي تثير الكثير من الأسئلة: سمير الحاج، ثامر، ولوكا.
سمير الحاج: اختفى واختفت معه الألغاز
كان سمير الحاج أحد الأسماء البارزة التي ساندت بعض الستريمرات التونسيين في العام الماضي، حيث كان يلعب دورًا مهمًا في تمويل بعض الحسابات التي تروج لمحتوى مثير للجدل. ومع ذلك، اختفى فجأة من الساحة، وتزامن اختفاؤه مع اختفاء "لوكا"، الشخصية الأخرى التي كانت تروج للمحتوى نفسه وتدعم بعض الستريمرات من خلال حسابات مخفية.
وبعد فترة من اختفاء هاتين الشخصيتين، ظهر فجأة حساب "ثامر"، الذي أصبح أيضًا محط الأنظار. هذا الحساب بدأ في إدارة عمليات دعم مشابهة، لكنه كشف عن تمويلات مشبوهة قد تكون مرتبطة بشبكات غير قانونية.
التساؤلات الكبيرة: هل "ثامر" هو نفسه "سمير الحاج"؟ وهل "لوكا" ما تزال تعمل في الخفاء؟
أحد أكبر التساؤلات المطروحة حاليًا هو ما إذا كان "ثامر" هو نفسه "سمير الحاج". هناك بعض الأدلة التي قد تشير إلى أن الشخصين مرتبطان ببعضهما البعض، مثل التشابه في أساليب التمويل وطبيعة المحتوى المدعوم، لكن لا يوجد دليل قاطع على أنهما نفس الشخص. قد يكون ظهور "ثامر" بعد اختفاء "سمير الحاج" مجرد تحول في الشبكة أو تغيير في الأدوار ضمن المنظومة نفسها، مما يثير الكثير من الشكوك حول هوية هذا الشخص ومصادر تمويله.
أما بالنسبة لـ "لوكا"، فقد اختفت من المشهد بعد أن كانت جزءًا من دعم بعض الحسابات المثيرة للجدل. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ما تزال "لوكا" تعمل في الخفاء؟ رغم عدم ظهورها علنًا، فإن هناك احتمالية كبيرة بأنها لا تزال تدير بعض العمليات أو الحسابات من وراء الستار، في محاولة للاحتفاظ بمكانتها ضمن الشبكة غير القانونية التي تدعم بعض الستريمرات.
من ستريمر إلى ناطق رسمي: عملية ابتزاز وتهديد
في تحول مفاجئ للأحداث، قرر أحد الستريمرات (شاب معروف في البث المباشر) أن يتحول من مجرد شخص يقدم محتوى إلى "ناطق رسمي" بعد أن خاض عملية ابتزاز مع "لوكا". هذا الستريمر لم يكن مجرد ضحية للتهديدات، بل كان هو الذي هدد "لوكا" وفرض عليه الابتعاد عن بعض القضايا الحساسة. نتيجة لذلك، تحول هذا الستريمر إلى الناطق الرسمي باسم "ثامر"، ليبدأ في إدارة محتوى ودعم مادي لبعض الحسابات المشبوهة بناءً على علاقاته التي كانت تتداخل مع شبكة "الكوميتة".
من خلال تهديداته الموجهة إلى "لوكا"، استطاع الستريمر فرض شروطه والتلاعب بمحتوى الشبكة لصالحه. هذا التغيير في الدور أدى إلى تأثير كبير على بقية الستريمرات، حيث أصبح يتم التعامل مع هذا الستريمر كأداة رئيسية لتوجيه الرأي العام في عالم البث المباشر، وبخاصة بين الشباب التونسي.
ثامر: هل هو حلقة وصل جديدة في الشبكة؟
بعد اختفاء سمير الحاج ولوكا، برز "ثامر" كأحد الشخصيات التي تُدير الدعم المالي للستريمرات. حسابه الذي ظهر فجأة لا يحمل أي معلومات واضحة حول هويته أو مصادر أمواله، ما يثير الكثير من الشكوك حول مصداقيته. بعض التقارير تشير إلى أن هذا الحساب قد يكون جزءًا من شبكة أكبر تتضمن عمليات مالية مشبوهة. هناك تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت الأموال التي يتم تداولها في هذه الشبكة هي أموال غير مشروعة أو تبييض أموال عبر منصات الإنترنت.
من هي "الكوميتة"؟ شبكة دعم غامضة
تعتبر "الكوميتة" القوة الخفية التي تقف وراء هذه الحسابات. هذه الشبكة غير المعلنة تموّل العديد من الحسابات المتورطة في نشر محتوى غير أخلاقي وغير قانوني. والداعمون لها قد يكونون شخصيات مشبوهة أو حتى أطرافًا سياسية تسعى للتأثير على الشباب التونسي عبر الإنترنت. ومع اختفاء شخصيات مثل سمير الحاج ولوكا، تثار تساؤلات حول ما إذا كانت "الكوميتة" قد تحولت إلى شبكة أكثر تعقيدًا تدير عمليات تمويل مشبوهة.
تبييض الأموال والشبكات غير القانونية
من وراء هذا الدعم المالي غير الواضح؟ هل هي أموال تبييض أموال؟ هل هي تحويلات غير قانونية من دول أخرى؟ الحسابات المخفية التي تظهر وتختفي بين الفينة والأخرى تزيد من شكوك البعض حول أن هناك عمليات غسيل أموال تتم بشكل غير قانوني عبر منصات مثل تيك توك وإنستغرام. "ثامر"، على وجه الخصوص، يُشتبه في كونه حلقة وصل جديدة في هذا النظام الغامض.
التأثير على الشباب والمجتمع
لا تقتصر تأثيرات هذه الشبكات على المشهد الرقمي فقط، بل تمتد آثارها إلى الشباب التونسي الذي يتابع هذه الحسابات بحماسة. هؤلاء الشباب قد يعتقدون أن هؤلاء الستريمرات الذين يتلقون الدعم المالي من "الكوميتة" هم نماذج للنجاح، بينما في الحقيقة هم جزء من نظام يروج للمحتوى السام والمضلل. السلطات التونسية والفرنسية، رغم علمها بوجود هذه الأنشطة المشبوهة، إلا أن الرقابة تظل ضعيفة، مما يزيد من خطورة الوضع.
دور الدولة التونسية والفرنسية: تتبع الأنشطة عبر الإنترنت
على الرغم من أن معظم هؤلاء الستريمرات يعيشون خارج تونس، إلا أن الدولة التونسية تملك القدرة على متابعة هذه الأنشطة. بإمكانها الاتصال مع إدارة تيك توك للحصول على معلومات دقيقة حول أسماء الحسابات، عناوين الآي بي، مواقع التصفح، وحتى الرسائل الخاصة. يمكن للسلطات التونسية استخدام هذه المعلومات لتعقب الداعمين والشبكات التي تقف وراء هؤلاء الستريمرات.
إضافة إلى ذلك، يمكن للدولة الفرنسية أن تلعب دورًا مهمًا في التحقيق في مصدر التمويل لهذه الحسابات والتأكد من أن هذه الأنشطة لا تشكل تهديدًا قانونيًا أو أمنيًا.
الخلاصة: من يحمي هؤلاء؟
إذا استمر الوضع على حاله، فإن السلطات سواء في تونس أو في فرنسا يجب أن تتحرك للتحقيق في هذه الأنشطة المشبوهة وتحديد مصادر التمويل الخفي الذي يساهم في تمويل هذه الحسابات. إن الدور الخفي لهذه الشبكات لا يمكن أن يُترك دون محاسبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتأثير على الجيل الجديد من الشباب.