في العصر الرقمي، أصبح الستريمرون جزءًا أساسيًا من المشهد الترفيهي على الإنترنت، خاصة في منصات مثل تيكتوك والرازار ونيمو. لكن في تونس، حيث تسود القيم الاجتماعية المحافظة، برزت قضية واحدة تحمل طابعًا مثيرًا للجدل؛ وهي قضية ستريمر تونسي الذي تحول من بثوث مليئة بالكلام الزايد واستغلال الفتيات إلى محتوى بثوث مليئة بالكلام الزايد على تيكتوك، مما أثار العديد من الأسئلة القانونية والأخلاقية.
الستريمر التونسي الذي كان يُعرف بتقديم بثوث استفزازية عبر منصات مثل الرازار، حيث كان ينتهك الآداب العامة ويمارس الاستغلال العاطفي للفتيات، انتقل لاحقًا إلى منصات مثل تيكتوك ليحقق شهرة واسعة رغم أساليبه المثيرة للجدل. هذه الانتقالية بين منصات البث المباشر في تونس تثير التساؤلات حول الدعم المالي الذي يحصل عليه هذا الستريمر، خاصة عندما تتحدث الأخبار عن مبالغ ضخمة تتراوح بين 40 ألف دينار تونسي في بعض الليالي.
لكن السؤال يبقى: من يقف وراء هذا الدعم؟ هل هو دعم سياسي، تمويل مهرب، أم مجرد رغبة في الترويج لمحتوى استفزازي؟ وهل هذا كله يحدث بعيدًا عن رقابة السلطات التونسية؟
الانتقال من الرازار إلى تيكتوك: السعي وراء الشهرة والمال
في البداية، كان هذا الستريمر معروفًا على منصات مثل الرازار ونيمو حيث كان يقدم محتوى غير لائق يثير الجدل ويثير الانتقادات، خصوصًا استغلال الفتيات و الكلام الزايد الذي لا يتماشى مع القيم الاجتماعية. هذا النوع من المحتوى الذي يعتمد على الاستفزاز، كان يحقق مشاهدات عالية ويرسخ شعبية سريعة بين فئات معينة من الجمهور.
ثم جاء الانتقال إلى تيكتوك، حيث بدأ الستريمر في استخدام أساليب متطورة لجذب الجمهور، مثل التهديدات و السبان و استغلال عاطفة المشاهدين من خلال محتوى استفزازي و مؤثر. هذا التغيير لم يكن مجرد تحول في نوعية المحتوى فحسب، بل كان تحوّلاً في أساليب كسب المال، حيث أصبح الستريمر يحصل على مبالغ ضخمة من التبرعات و الهدايا الرقمية عبر تيكتوك.
التساؤلات القانونية: هل المال حلال أم مشبوه؟
هل التمويل قانوني؟
أحد أبرز الأسئلة التي يثيرها هذا النوع من النشاط هو التمويل المجهول الذي يحصل عليه هذا الستريمر. في فترة قصيرة، بدأ يتلقى دعمًا ماليًا هائلًا، ولكن تظل هناك شكوك حول مصدر هذا الدعم. هل هي أموال سياسية؟ هل يتم تهريب الأموال عبر منصات البث؟ هل يمكن أن تكون هذه الأموال جزءًا من عمليات غسل الأموال؟
هل يدفع الستريمر الضرائب؟
من الأمور التي يجب أن يُساءل عنها الستريمرون في تونس هي مسألة دفع الضرائب على الأرباح التي يتم جمعها عبر منصات البث. في ظل غياب الرقابة على الأموال التي يتم جمعها من التبرعات الإلكترونية، يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الأموال خاضعة للضريبة من عدمه.
القوانين التونسية والضرائب على الأرباح الرقمية:
من المفترض أن يُعلن عن الأرباح الرقمية التي يتم جمعها عبر الإنترنت، خاصة إذا كانت المبالغ تتجاوز الحد المعقول. وفقًا للقانون التونسي، فإن الأنشطة التجارية التي تولد أرباحًا من الإنترنت يجب أن تخضع للضرائب. هذا يشمل الأنشطة التي تتعلق بـ الدخل الناتج عن المحتوى الرقمي، سواء كان ذلك من التبرعات أو الإعلانات أو أي دخل آخر. لكن، في حالة غياب الرقابة الفعالة، تبقى المسائل الضريبية في مثل هذه الحالات غير واضحة.
التساؤلات حول الاستغلال العاطفي
من الناحية الأخلاقية، تُطرح تساؤلات جدية حول الاستغلال العاطفي الذي يمارسه بعض الستريمرين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالفتيات أو الجماهير التي تتفاعل مع المحتوى التافه أو الاستفزازي. في حالة هذا الستريمر، أصبح المحتوى الذي يروج له لا يعكس القيم الاجتماعية بل يروج لـ الكلام الزايد و الاستغلال العاطفي على حساب عواطف المشاهدين.
التشريعات التونسية المتعلقة بالأنشطة الإلكترونية
1. قانون الإعلام والنشر: ينظم هذا القانون الأنشطة الإعلامية والرقمية في تونس ويشمل الرقابة على المحتوى الذي ينتهك الآداب العامة أو المبادئ الأخلاقية. في حال تم نشر محتوى يُضر بالمجتمع أو يتعارض مع القيم الأساسية مثل الاستغلال العاطفي، يمكن أن يتعرض القائمون على هذه الأنشطة إلى عقوبات قانونية. 2. قانون حماية الفتيات والشباب: تونس لها قوانين صارمة لحماية الأطفال و الشباب من الاستغلال، سواء كان عاطفيًا أو جسديًا. أي استغلال في هذه البثوث عبر الإنترنت يمكن أن يُعرض أصحاب هذه البثوث إلى مسؤولية قانونية إذا ثبتت انتهاكات حقوق الفتيات أو الشباب.
3. قانون مكافحة غسل الأموال: في حال ثبت أن الدعم المالي الذي يتلقاه هذا الستريمر يأتي من مصادر غير مشروعة، يمكن أن يتم ملاحقته قانونيًا بموجب قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. هذا القانون يحدد كيف يجب التعامل مع الأموال التي يتم جمعها عبر الإنترنت، وإذا كانت هناك شكوك حول مصدر هذه الأموال أو إذا كانت تأتي من جهات غير مشروعة، فإن السلطات المختصة تستطيع أن تبدأ تحقيقات واسعة لمعرفة الأطراف المتورطة.
هل يشكل الدعم السياسي جزءًا من هذه القصة؟
بعض النقاد يتساءلون إن كان الدعم المجهول الذي يتلقاه الستريمر يأتي من جهات سياسية أو حتى أطراف خارجية تسعى لاستخدام هذا النوع من المحتوى الاستفزازي كوسيلة لتوجيه الرأي العام أو التأثير على المجتمع. يمكن أن يثير هذا نوعًا من القلق بشأن التلاعب بالجمهور، خاصة عندما يتم جمع الأموال دون وجود أي شفافية حول من يقف وراء هذا الدعم.
هل يدفع الستريمر ضرائب على مداخيله؟
فيما يخص الضرائب، من المفترض أن أي شخص يكسب أموالًا من خلال الإنترنت في تونس يجب أن يصرح بأرباحه للسلطات الضريبية. ومع ذلك، في ظل الانتشار الواسع للمنصات الرقمية مثل تيكتوك و الرازار، تبقى الرقابة على دخل الستريمرين موضوعًا معقدًا. في حال كان الستريمر يحقق مبالغ ضخمة، يجب عليه التسجيل في النظام الضريبي ودفع الضرائب المترتبة على هذه المبالغ. لكن بما أن معظم الأموال قد تُجمع عبر منصات مثل بايبال التي قد لا تخضع بشكل مباشر للرقابة، يصبح من الصعب مراقبة مصدر الأموال.
التأثير الاجتماعي: ماذا يعني ذلك للشباب التونسي؟
تأثير هذه الأنشطة على الشباب التونسي يطرح تساؤلات عن القيم الاجتماعية التي يتم زرعها عبر هذه المنصات. في وقت تُعاني فيه بعض الفئات من الفقر الاجتماعي و الضغط النفسي، قد يجد العديد من الشباب أنفسهم متأثرين بمحتوى الستريمرين، حتى وإن كان ذلك على حساب القيم الأخلاقية.
إن هذه الظاهرة تُظهر أن المنصات الرقمية أصبحت ساحة للصراع على الشهرة والمال، حيث يُمكن لبعض الأشخاص تحقيق ربح كبير عبر التلاعب العاطفي بالجمهور. بينما هناك ستريمرين آخرين يقدمون محتوى هادفًا و مؤثرًا، إلا أنهم يفتقرون إلى الدعم المادي، مما يجعل المحتوى الجيد في كثير من الأحيان يظل غير مرئي في ظل المنافسة مع الاستفزاز و الأنشطة غير القانونية.
ضرورة الرقابة والوعي الاجتماعي
بينما يواصل الستريمرون من مختلف الفئات جمع الأموال والشهرة عبر منصات البث، من الضروري أن تكون هناك رقابة قانونية صارمة على هذا المجال. يجب أن يتم تعزيز الوعي المجتمعي حول المخاطر المحتملة التي قد تصاحب الاستفزاز الإعلامي و الاستغلال العاطفي على الإنترنت.
إن القانون التونسي يجب أن يتطور ليشمل الأنشطة الرقمية بشكل أكثر فاعلية، ويضمن أن لا يتم استغلال الشباب أو الفتيات عبر الإنترنت. يجب أيضًا العمل على مراقبة مصادر الدعم المالي للستريمرين والتأكد من أن الأموال المجمعة عبر الإنترنت لا تُستخدم في غسل الأموال أو التهريب.
بالنظر إلى تطور هذه الأنشطة على المنصات الرقمية، يصبح من الضروري أن تتبنى السلطات التونسية سياسات تشريعية واضحة تساهم في حماية حقوق الأفراد و تعزيز الشفافية في هذا المجال الرقمي المتسارع.