شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة انتشاراً لظاهرة مقلقة تتعلق باستغلال بعض الستريمرات (مقدمي البث المباشر) للداعمين الماليين عبر تهديدهم بنشر فيديوهات فضائح أخلاقية. هذه الممارسات تشكل نوعًا من الابتزاز الإلكتروني، وقد ازدادت بشكل خاص على منصات مثل TikTok، التي تشهد ارتفاعًا في عدد المستخدمين والمشاهدات اليومية.
آلية الابتزاز
تعتمد الستريمرات المتورطات في الابتزاز على أساليب متعددة للضغط على الداعمين الماليين. من أبرز هذه الأساليب هو التهديد بنشر فيديوهات حساسة أو فضائح أخلاقية تخص الداعمين إذا لم يقوموا بتقديم المزيد من الدعم المالي. العبارة الأكثر شيوعًا هي:
"يا تدعم، يا نفضحك"، مما يضع الداعمين في موقف محرج ويدخلهم في خطر يهدد سمعتهم الشخصية والعائلية.
هذه الفيديوهات قد تكون مزيفة أو حقيقية، وغالبًا ما يتم الحصول عليها عبر محادثات شخصية أو تفاعلات خاصة، مثل واتساب. كما يتم استخدام هذه التطبيقات لتوسيع نطاق الابتزاز بعيدًا عن الرقابة المتاحة على المنصة الرئيسية.
الاستغلال عبر واتساب
بعض الستريمرات لا تقتصر على منصات البث المباشر للتواصل مع الداعمين، بل يلجأن أيضًا إلى تطبيقات المراسلة الخاصة مثل واتساب. في هذه المحادثات الخاصة، يتم إقناع الداعمين بمشاركة معلومات شخصية أو التورط في محادثات حساسة. بعدها، يُستغل هذه المعلومات للابتزاز المالي أو للحصول على هدايا ودعم إضافي.
واتساب، كمنصة مغلقة بعيدًا عن رقابة المنصات العامة، يوفر بيئة مناسبة للابتزاز دون أن تكون تحت أنظار الجمهور أو إدارة المنصات.
الابتزاز واستغلال الفتيات
لا يقتصر الابتزاز على الداعمين فقط، بل يمتد أيضًا إلى الفتيات، حيث يتم إقناعهن بالتواصل مع الداعمين لجلب الأموال والهدايا، ثم يتم استغلالهن من قبل الستريمرات أو الوسطاء الذين قد يطلبون منهن القيام بأفعال معينة أو تقديم مواد حساسة لغرض الابتزاز. هذه الممارسات تعتبر جريمة أخلاقية وقانونية، حيث يتم استغلال الضعف العاطفي أو المالي للفتيات للضغط عليهن.
العواقب القانونية
الابتزاز الإلكتروني يعد جريمة يعاقب عليها القانون في معظم الدول. الأشخاص الذين يتعرضون لهذه الممارسات لديهم الحق في التوجه إلى السلطات المختصة والإبلاغ عن الحوادث. العديد من البلدان تفرض عقوبات صارمة على الابتزاز الإلكتروني، وقد تشمل السجن والغرامات المالية.
من المهم أن يكون الأفراد على دراية بحماية خصوصيتهم وأن يكونوا حذرين من الانجرار وراء الضغوط التي قد تعرضهم لمثل هذه المواقف. رغم الجهود التي تبذلها المنصات الاجتماعية لمكافحة هذه الظواهر، إلا أنه من الضروري أن يتعاون المستخدمون معها لتوفير بيئة آمنة على الإنترنت.
التأثير النفسي والاجتماعي
التأثير النفسي على ضحايا الابتزاز قد يكون عميقًا. الداعمون قد يعانون من مشاعر الخوف والقلق المستمر من احتمال نشر فضائحهم، مما يؤثر سلبًا على حياتهم الشخصية والمهنية. أما الفتيات اللواتي يتعرضن للاستغلال، فيواجهن ضغوطًا نفسية كبيرة قد تؤثر على حياتهن.
على المستوى الاجتماعي، تُعد هذه الظاهرة مقلقة في مجتمعات تفتقر إلى الوعي بالأمن الرقمي وحقوق الخصوصية. الكثير من الأفراد لا يمتلكون الأدوات اللازمة لحماية أنفسهم، مما يجعلهم عرضة للاستغلال.
دور المنصات في مكافحة الظاهرة
على الرغم من انتشار الابتزاز عبر منصات التواصل الاجتماعي، فإن TikTok وInstagram وFacebook وغيرها من المنصات الكبرى تعمل على وضع سياسات صارمة ضد هذه الممارسات. ومع ذلك، تطبيق هذه السياسات يتطلب من المستخدمين الإبلاغ عن الأنشطة المريبة. يجب على المنصات أن تكون أكثر فعالية في مراقبة المحادثات الخاصة، مع الحفاظ على احترام الخصوصية.
بعض المنصات توفر أدوات حماية، مثل تمكين الإبلاغ عن السلوكيات المريبة وتعزيز التحقق الثنائي للحسابات، لكن يبقى الدور الأكبر على المستخدمين في توخي الحذر.
مواجهة الابتزاز الإلكتروني
تُعد ظاهرة الابتزاز الإلكتروني تحديًا كبيرًا، سواء من حيث تأثيرها النفسي والاجتماعي أو من حيث كيفية مكافحتها قانونيًا. من الضروري توعية الأفراد بمخاطر مشاركة المعلومات الشخصية عبر الإنترنت، والحذر من الاستغلال الذي قد يترتب عليه. كما يجب على المنصات التواصلية تكثيف جهودها لمكافحة هذه الظاهرة وتوفير الدعم للمستخدمين المتضررين.
الابتزاز هو جريمة أخلاقية وقانونية يجب التصدي لها بكل حزم. السلطات والمجتمعات يجب أن تعمل معًا على تعزيز الوعي وحماية الأفراد من هذا النوع من السلوكيات الضارة.