أصبح TikTok أكثر من مجرد منصة ترفيهية في تونس؛ فقد أصبح وسيلة مهمة لإنشاء محتوى يمكن أن يؤثر على العديد من جوانب الحياة، بما في ذلك الأعمال والثقافة وحتى السياسة. ولكن على الرغم من شعبيته، يوجد في تونس الكثير من الغموض و الافتقار إلى الشفافية حول كيفية عمل الخوارزمية في TikTok وكيف يمكن أن يتم التلاعب بالمحتوى. في هذه المقالة، سوف نناقش الآليات المخفية وراء خوارزميات TikTok في تونس وكيف تؤثر على المحتوى وسلوك المستخدمين.
1. كيف تعمل الخوارزمية في TikTok؟
تعتمد خوارزمية TikTok على نظام معقد لتحليل سلوك المستخدمين. تقوم بتتبع:
• مدة المشاهدة: كم من الوقت يشاهد المستخدمون الفيديوهات.
• الإعجابات والتعليقات: ردود الفعل على المحتوى.
• الاشتراكات والتفاعلات: النقر على الملف الشخصي، وإعادة نشر الفيديوهات، وغيرها من التفاعلات.
إضافة إلى ذلك، تأخذ الخوارزمية في الاعتبار الاتجاهات المحلية، وهو أمر مهم بشكل خاص للمستخدمين في تونس. لكن هناك بعض الآليات الخفية التي تؤثر على نوعية المحتوى الذي يصل إلى “For You” في TikTok.
2. التقسيم الجغرافي والرقابة
في تونس، هناك ميل إلى أن المحتوى المتعلق بـ النقد السياسي أو الاجتماعي غالبًا ما لا يظهر في التوصيات. وهذا يعود إلى التقسيم الجغرافي للخوارزميات، التي تعطي الأولوية للمحتوى المحلي الذي يتماشى مع التوقعات الثقافية والسياسية.
أمثلة
• غالبًا ما يتم تقليل رؤية الفيديوهات التي تنتقد السلطات المحلية أو التي تتناول قضايا حقوق الإنسان.
• يتم حظر أو تقليل رؤية المحتوى المتعلق بالاحتجاجات أو النشاط السياسي على المنصة.
قد يكون هذا بسبب التدخل غير المباشر من السلطات، حيث يمكن أن تأخذ خوارزمية TikTok في الاعتبار التوجهات في البلدان التي تعمل فيها المنصة.
3. التلاعب بالشعبية: “الترويج المدفوع”
إحدى الآليات الأكثر خفاءً هي إمكانية الترويج المدفوع للمحتوى على المنصة. يقدم TikTok أدوات مدفوعة للترويج تمكن المستخدمين والعلامات التجارية من تعزيز رؤية الفيديوهات. يؤدي هذا إلى مشاكل عدة:
• قلة المحتوى العضوي: يواجه المستخدمون الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الإعلانات صعوبة في نشر محتواهم.
• تخفيض “المحتوى غير المربح”: في الوقت الذي يحصل فيه المحتوى الشائع على المزيد من الإعلانات والرؤية، يبقى المحتوى الذي لا يتوافق مع معايير معينة أو الذي لا يمكن دعمه بالإعلانات غير مرئي.
هكذا، لا تقوم الخوارزمية باختيار المحتوى بناءً على الشعبية فحسب، بل تأخذ في الاعتبار القدرة المالية للمستخدمين للترويج لمحتواهم.
4. التلاعب بالبيانات الشخصية
يتم جمع البيانات الشخصية للمستخدمين بنشاط من قبل TikTok، وليس فقط داخل التطبيق. يُعرف أن الخوارزمية تقوم بتحليل:
• الموقع الجغرافي للمستخدم.
• سجل المشاهدات للتطبيقات الأخرى.
• الهاشتاغات والاتجاهات التي يستخدمها المستخدمون لتوصية المحتوى.
وبذلك، يمكن لـ TikTok التلاعب بما يعرضه للمستخدمين في تونس استنادًا إلى بياناتهم الشخصية وسلوكهم. على سبيل المثال، قد يتم عرض محتوى متعلق بالثقافة الشبابية أو الأحداث المحلية للمستخدمين الذين يتفاعلون بشكل مستمر مع هذه الأنواع من الفيديوهات.
5. الخوارزمية وتأثيرها على الشباب
في تونس، كما في العديد من البلدان الأخرى، يعد الشباب هو الفئة الأساسية التي تستخدم TikTok. تؤثر خوارزمية المنصة بشكل غير مباشر على تصورهم للواقع، والثقافة، والسلوك.
تأثير الخوارزمية على التصور
تعمل الخوارزمية في TikTok على تعزيز الصور النمطية و التأثير على التصورات العالمية لدى الشباب. على سبيل المثال، إذا كان المحتوى المتعلق بالحياة اللامعة والقيم المادية شائعًا، فإن الخوارزمية ستعرض هذا المحتوى لعدد أكبر من المستخدمين، مما يخلق تصورًا خاطئًا للمعايير الاجتماعية.
الاعتماد على الإعجابات والتعليقات
نظام يعتمد على الإعجابات والتعليقات قد يؤدي إلى اعتماد الشباب على التقييم الاجتماعي. هذا يمكن أن يزيد من القلق والتوتر لدى الشباب الذين يتأثرون بتقييم الآخرين لهم.
6. استخدام الخوارزميات والسياسات: البوتات والضغط السياسي
قد يتم استخدام البوتات والخوارزميات بشكل غير شفاف في تونس لأغراض التأثير على السياسة أو لفرض سياسات لِصالح جماعات معينة. يمكن لهذه البوتات أن تروج لأجندات معينة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، في سياق التلاعب بالمحتوى على TikTok، مثل التأثير على الانتخابات أو دعم حملة دعائية.
كيفية استخدام البوتات في السياسة
• الترويج للمحتوى السياسي: يمكن للسياسيين أو المجموعات الضغط على الخوارزميات لتعزيز المحتوى السياسي أو الدعاية من خلال استخدام حسابات مزيفة (بوتات).
• إخفاء المحتوى المعارض: يمكن استخدام البوتات لتقليل الظهور أو منع التفاعل مع المحتوى المعارض للأنظمة الحاكمة أو القضايا السياسية الخاصة.
تؤثر خوارزميات TikTok في تونس بشكل كبير على المحتوى الذي يتم ترويجه والظهور عليه. بينما تستمر المنصة في التوسع، فإن التلاعب بالبيانات و التأثير على الآراء يمكن أن يكون له تأثير طويل المدى على المجتمع والشباب. من المهم أن يكون المستخدمون في تونس أكثر وعيًا بالخوارزميات التي تقف خلف المحتوى وأن يكونوا حذرين من سياسات المنصة التي قد تستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية غير معلنة.
